والمدار في الظاهر على سماع تمام اللفظ وجواهر الحروف لا خصوص بعض الحروف لما فيها من الصفير ونحوه ، فلا يقدح حينئذ في صدق الإخفات سماع القريب مثل ذلك ، كما أنه لا يكفي في تحقيق معنى الجهر مثله ، أما إذا لم يسمع الإنسان نفسه ما يقوله من جوهر الحروف لضعف الصوت لا لعارض الماء أو الهواء فالظاهر عدم الاجزاء كما صرح به غير واحد من الأصحاب ، بل هو ظاهر معقد الإجماعات السابقة بل صريحها خصوصا بعضها ، وهو الحجة ، مضافا إلى صحيح زرارة أو حسنه (١) « لا يكتب من القراءة والدعاء إلا ما أسمع نفسه » وما ورد في موثق سماعة (٢) وغيره من تفسير الإخفات المنهي عنه في الآية بما دون السمع ، مضافا إلى ما في التذكرة وغيرها من عدم صدق القراءة مثلا عليه حينئذ ، ولعله لاعتبار هذا المقدار من الصوت في أصل ماهية اللفظ ، وفيه بحث ، نعم يمكن أن يجعل ذلك مقدمة لليقين بحصول اللفظ المأمور به فبدونه لم يحصل اليقين بذلك ، وهو لا يخلو من بحث أيضا ، وفي الأول غنية ، فما في الرياض ـ من احتمال الاجتزاء بالهمهمة لصحيح الحلبي (٣) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام هل يقرأ في صلاته وثوبه على فيه؟ قال : لا بأس بذلك إذا أسمع أذنيه الهمهمة » ـ ضعيف جدا خصوصا بناء على الوجهين الأخيرين ، ضرورة قصوره عن إفادة مثل ذلك حينئذ ، على أن الهمهمة الصوت الخفي كما عن القاموس ، فلا ينافي فهم جوهر الحروف قبل ، وإن كان كلام ابن الأثير يقتضيه ، والموجود فيما حضرني من نسخة نهايته أنها كلام خفي لا يفهم ، ولعله يريد لا يفهمه الغير ، فلا يكون منافيا أيضا.
وعلى كل حال فلا ريب في قصوره عن الحكم على غيره من وجوه ، خصوصا مع احتماله إرادة القراءة مع القدرة بمن لا يقتدى به تقية ، كما يومي اليه ما فيه من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤.