والمنقول عن الإمام الأوزاعي التخيير بين القبض والسدل. (١)
وذهب محمد عابد مفتي المالكية بالديار الحجازية إلى أنّ السدل والقبض سنّتان من رسول الله وانّ المؤمن إذا طال عليه القيام وهو مسدل ، قبض وقال بأنّ السدل أصل والقبض فرع. (٢)
وأمّا الشيعة الإمامية ، فالمشهور أنّه حرام ومبطل ، وشذّ منهم من قال بأنّه مكروه ، كالحلبي في الكافي. (٣)
ومع أنّ غير المالكية من المذاهب الأربعة قد تصعّدوا وتصوبوا في المسألة ، لكن ليس لهم دليل مقنع على جوازه في الصلاة ، فضلا عن كونه مندوبا ، بل يمكن أن يقال : إنّ الدليل على خلافهم ، والروايات البيانية عن الفريقين التي تبيّن صلاة الرسول خالية عن القبض ، ولا يمكن للنبي الأكرم أن يترك المندوب طيلة حياته أو أكثرها ، وإليك نموذجين من هذه الروايات : أحدهما عن طريق أهل السنّة ، والآخر عن طريق الشيعة الإمامية ، وكلاهما يبيّنان كيفية صلاة النبي وليست فيهما أيّة إشارة إلى القبض فضلا عن كيفيته.
إنّ القبض بدعة محدثة ظهرت بعد رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعمادنا في هذا السبيل حديثان صحيحان :
أحدهما مروي عن طرق أهل السنّة ، والآخر من طرق الإمامية ، والحديثان
__________________
١. الفقه على المذاهب الخمسة : ١١٠.
٢. لاحظ رسالة مختصرة في السدل للدكتور عبد الحميد بن مبارك : ٥.
٣. جواهر الكلام : ١١ / ١٥ ـ ١٦.