٨
القراءتان وغسل الأرجل
قد عرفت أنّ اختلاف القراءة في قوله ( وَأَرْجُلَكُمْ ) لا يؤثر في القول بمسح الرجلين ، سواء أقرأنا قوله ( وَأَرْجُلَكُمْ ) بالنصب أم قرأناه بالجر ، فكلتا القراءتين تدعمان المسح وبالتالي العامل في قوله ( أَرْجُلَكُمْ ) هو قوله : ( وَامْسَحُوا ) ولفظة ( وَأَرْجُلَكُمْ ) معطوفة على ( بِرُؤُسِكُمْ ) إمّا لفظا أو محلا.
إنّما الكلام في إمكانية تطبيق القول بالغسل على القراءتين المعروفتين ومقدار انسجامه معهما والقواعد العربية. وسيتضح من خلاله انّ فرض الغسل على الآية خرق واضح للقواعد العربية ، وإليك البيان :
فلو قلنا بدلالة الآية على غسل الأرجل ، فلا محيص من أن يكون العامل هو قوله في الجملة المتقدّمة ( فَاغْسِلُوا ) وأن يكون معطوفا على قوله ( وُجُوهَكُمْ ) وهذا يستلزم الفصل بين المعطوف ( وَأَرْجُلَكُمْ ) والمعطوف عليه ( وُجُوهَكُمْ ) بجملة أجنبية وهي ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) مع أنّه لا يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بمفرد فضلا عن جملة أجنبية ، ولم يسمع في كلام العرب الفصيح قائل يقول : « ضربت زيدا » و « مررت ببكر وعمرا » بعطف « عمرا » على « زيدا ».