غسلهما؟ فبذلك صار المسلمون على طائفتين مختلفتين في حكم الأرجل.
وهذا النوع من الاختلاف إنّما يتصوّر فيما إذا كان في المسألة دليل من الكتاب والسنّة قابل للاجتهاد وبالتالي قابل للاختلاف في الاستظهار ، وأمّا إذا لم يكن فيها أيّ دليل لفظي ، غير ادّعاء رؤية عمل النبي وانّه كان يمسح على الخفّين فالاختلاف في مثلها عجيب جدّا ، لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتوضّأ أمام الناس ، ليله ونهاره وكان الناس يتسابقون بالتبرّك بماء وضوئه ، ومع ذلك صارت الصحابة بعد رحيله على صنفين ، بين مثبت للمسح على الخفّين مطلقا ، وناف كذلك ، ومفصل بين الحضر والسفر ، مع أنّ الطائفة النافية كانوا هم الذين يلازمونه طيلة حياته ، في إقامته وظعنه كعلي وعائشة وكانوا يعدّون شعارا بالنسبة إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا دثارا.
وعلى كلّ تقدير فالمتّبع هو الدليل ، وإليك دراسة أدلّة النافين ، فقد احتجّوا بالكتاب والسنّة واتّفاق أئمّة أهل البيت.
قال سبحانه ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ). (١)
فظاهر الآية فرض مباشرة الأرجل نفسها والمسح على الخفّين ليس مسحا على الأرجل ، والآية ، في سورة المائدة المشتملة على آية الوضوء ، وهي آخر سورة نزلت على النبي كما نصّت عليه أمّ المؤمنين عائشة.
روى الحاكم عن جبير بن نفير ، قال : حججت فدخلت على عائشة وقالت لي : يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت : نعم ، قالت : أما إنّها آخر سورة نزلت ، فما وجدتم
__________________
١. المائدة : ٦.