قال : وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركا بين هاتين الصلاتين ، وأن يكون أوّل المغرب وقتا للمغرب والعشاء فيكون هذا الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين ، فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء مطلقا ، إلاّ أنّه دلّ الدليل على أنّ الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز ، فوجب أن يكون الجمع جائزا لعذر السفر وعند المطر وغيره. (١)
وما حقّقه الرازي في المقام ، حقّ ليس وراءه شيء ، لكن عدوله عنه ، بحجّة « انّ الجمع في السفر من غير عذر لا يجوز لوجود الدليل » رجم بالغيب ، إذ أيّ دليل قام على عدم الجواز بلا عذر ، فهل الدليل هو الكتاب؟ والكتاب حسب تحقيقه يدلّ على الجواز ، أو السنّة وسيوافيك تضافر النصوص على الجواز ، أو الإجماع فليس عدم الجواز موضع إجماع وقد عرفت القول بالجواز أيضا من أهل السنّة ، مضافا إلى إطباق أئمّة أهل البيت عليهمالسلام على الجواز ؛ وليس وراء الكتاب والسنّة والإجماع حجّة ، كما ليس وراء عبادان قرية. (٢)
قد تضافرت الروايات عن الصادق بالحق على جواز الجمع بين الصلاتين
__________________
١. التفسير الكبير : ٢١ / ٢٧.
٢. وكم للإمام الرازي من مواقف مشرقة في تحقيق ما هو الحقّ ، الذي هو الأحقّ بالاتّباع لكنّه عدل عنه لوجوه واهية. لاحظ ما حقّقه حول مسح الرجلين في تفسير قوله سبحانه ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ، وما ذكره حول المراد من قوله ( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) في تفسير قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) وغيرهما.