ذهب الآلوسي إلى أنّ القراءتين المتواترتين المتعارضتين كأنّهما آيتان متعارضتان ، والأصل في مثله هو السقوط والرجوع إلى السنّة؟
قال : إنّ القراءتين متواترتان بإجماع الفريقين ، بل بإطباق أهل الإسلام كلّهم ، ومن القواعد الأصولية عند الطائفتين انّ القراءتين المتواترتين إذا تعارضتا في آية واحدة فلهما حكم آيتين ، فلا بدّ لنا أن نسعى ونجتهد في تطبيقهما أوّلا ، مهما أمكن ، لأنّ الأصل في الدلائل الأعمال دون الإهمال كما تقرر عند أهل الأصول ، ثمّ نطلب بعد ذلك الترجيح بينهما ، ثمّ إذا لم يتيسر لنا الترجيح فنتركهما ونتوجّه إلى الدلائل الأخر من السنّة. (١)
يلاحظ عليه : أنّ من الغرائب أن نجعل القراءتين متعارضتين ثمّ نسعى في رفع التعارض بالوجوه التي ذكرها القائل ، فإنّ فرض التعارض بين القراءتين رهن فرض المذهب على القرآن وتطبيقه عليه وإلاّ فالقراءتان ليس فيهما أي تعارض وتهافت وكلتاهما تهدفان إلى أمر واحد وهو مسح الرجلين ، لأنّ قوله ( وَأَرْجُلَكُمْ ) على كلتا القراءتين معطوف على لفظ واحد وهو قوله ( بِرُؤُسِكُمْ ) ، لكن إمّا عطفا على المحل فتنصب أو عطفا على الظاهر فتجر.
ذهب جمال الدين القاسمي إلى أنّ الآية صريحة في أنّ الفريضة هي المسح كما قاله ابن عباس وغيره ، ولكن إيثار غسلهما في المأثور عنه إنّما هو للتزيّد في الفرض والتوسّع فيه حسب عادته ، فإنّه سنّ في كلّ فرض سننا تدعمه وتقوّيه في
__________________
١. روح المعاني : ٦ / ٧٤.