٣٢. أخرج الإمام أحمد بن حنبل بسنده عن عبد الله بن الزبير ، قال : لمّا قدم علينا معاوية حاجّا قدمنا معه مكة ، قال : فصلّى بنا الظهر ركعتين ، ثمّ انصرف إلى دار الندوة ، قال : نهض إليه مروان بن الحكم وعمر بن عثمان فقالا له : ما عاب أحد ابن عمك بأقبح ما عبتَه به ، فقال لهما : وما ذاك؟ قال : فقالا له : ألم تعلم أنّه أتمّ الصلاة بمكة؟ قال : فقال لهما : ويحكما وهل كان غير ما صنعت؟ قد صلّيتهما مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومع أبي بكر وعمر ، قالا : فان ابن عمك قد كان أتمّها وإن خلافك إيّاه له عيب.
قال : فخرج معاوية إلى العصر فصلاّها بنا أربعا. (١)
إلى هنا تمّ ما يدلّ من الأحاديث والآثار على أنّ القصر في السفر عزيمة وانّ الإتمام أحدوثة حدثت بعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم اجتهادا أو اتباعا للمصالح المقطعية ، ولا محيص لفقيه ، أمام مداومة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّلا ، وهذه الروايات والآثار ثانيا من الخضوع لها والإخبات إليها.
نعم بقي علينا أن نستعرض أدلّة القول بأنّ القصر رخصة أو سنّة مؤكّدة لا عزيمة وهي أدلّة واهية للغاية لا يصحّ للفقيه أن يستند إليها إذا كان ملما باستنباط الحكم عن أدلّته.
استدلّ القائلون بعد الكتاب العزيز بأمور نذكرها تباعا.
أمّا الكتاب ، فقد مضى الكلام فيه حيث قلنا بأنّ الآية لا تدلّ على أحد القولين : الرخصة أو العزيمة ، بل هي بصدد بيان رفع توهّم الحظر حيث كان قصر
__________________
١. مسند أحمد : ٤ / ٩٤.