الصلاة مظنّة توهم انّه إيجاد نقص في الصلاة فبيّن سبحانه ( بأنّه لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة ) وأين هذا من الدلالة على أنّ القصر رخصة؟!
إنّما المهم الروايات والآثار المروية.
١. أخرج مسلم عن يعلى بن أميّة ، قال : قلت لعمر بن الخطاب ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) فقال : عجبت ممّا عجبت منه ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : « صدقة منّ الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ». (١)
وجه الدلالة : انّ المتصدّق عليه لا يجب عليه قبول الصدقة.
وأجاب الشوكاني عن الاستدلال المذكور بقوله : إنّ الأمر بقبولها يدلّ على أنّه لا محيص عنها وهو المطلوب. (٢)
وكان للشوكاني أن يرد على الاستدلال بوجه آخر أيضا ويقول : إنّ قياس صدقة الله وهديته ، على صدقات الناس وهداياهم قياس مع الفارق ، وذلك لأنّ المهدى إليه أو المتصدّق عليه لا يجب عليه قبول الهدية أو الصدقة إذا كان المتصدّق إنسانا مثله ، وأمّا إذا كان المتصدّق هو الله سبحانه فيجب قبولها ، وذلك لأنّ صدقة الله أمر امتناني ، وامتناناته سبحانه ليست أمورا اعتباطية ، بل هي ناشئة من الحكمة البالغة الإلهية ، فحيث يعلم الله بأنّ المصالح الذاتية للبشر تقتضي ذلك الامتنان يمنّ بها على العباد ، فيصير القبول أمرا مفروضا عليهم.
وربما يظهر من أحاديث أئمّة أهل البيت عليهمالسلام انّه يحرم رد صدقة الله ، حيث قال الصادق عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله عزّ وجلّ تصدّق على مرضى أمّتي
__________________
١. شرح صحيح مسلم للنووي : ٥ / ٢٠٣ برقم ٤.
٢. نيل الأوطار : ٣ / ٢٠١.