أخرج البيهقي عن أبي ذر ، قال : صمنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر ، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، ثمّ لم يقم بنا في الثالثة ، وقام بنا في الخامسة ، حتّى ذهب شطر الليل ، فقلنا : يا رسول الله لو نفلنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال : إنّه من قام مع الإمام حتّى ينصرف كتب له القيام ليلة ، ثمّ لم يقم بنا حتّى بقي ثلاث من الشهر فصلّى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه ، فقام بنا حتّى تخوفنا الفلاح ، قلت له : وما الفلاح؟ قال : السحور. (١)
وعلى هذه الرواية خرج في الليلة الرابعة ( أو الثالثة والعشرين على قول بعضهم ) (٢) والعشرين والسادسة والعشرين والثامنة والعشرين.
هذه عمدة ما روي في المقام.
إنّ الأخذ بمضمون هذه الروايات مشكل لوجوه عديدة :
إنّ بين هذه الروايات تعارضا واختلافا في أمور ثلاثة :
الأوّل : وجود التعارض بين هذه الروايات في مقدار الليالي التي أقام النبي فيها جماعة ، فان كلّ واحد بصدد بيان عدد الليالي التي أقيمت فيها النوافل جماعة مع النبي ، فهل أقامها النبي ليلة واحدة كما هو مضمون الرواية الأولى؟ أو ليلتين أو ثلاث ليال ، كما هو مضمون الطائفتين الأخيرتين؟ وهذا يعرب عن أنّ الرواة لم يضبطوا الواقع بشكل دقيق.
__________________
١. سنن البيهقي : ٢ / ٤٩٤ ، باب من زعم أنّها بالجماعة أفضل ، ونقله الشوكاني في نيل الأوطار : ٣ / ٥٠ ، وقال : رواه الخمسة وصححه الترمذي.
٢. الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٢٥١.