٦. عمران بن حصين
قد استنكر عمران بن حصين تحريم متعة الحج وأوصى في أخريات عمره وفي المرض الذي توفّى فيه أن يُحدّث عنه : انّ نبي الله جمع بين حجّ وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبي الله وإنّما نهى عنها رجل برأيه ، دون دليل في كتاب الله وسنّة رسوله. (١)
وقد توالى الاستنكار في العهود اللاحقة وإن كان المرتقون على صهوات الحكم مصرّين على اتّباع السلف إلى أن زالت الحكومة الأموية وأخذ بنو عباس بزمام الحكم ، فانتشر القول بجواز التمتع بالعمرة إلى الحجّ ، وذلك لأنّ الجواز موقف جد العباسيّين فرفعوا الحرج عن المسلمين ، وتبنّى أحمد بن حنبل في عهدهم دخولها في الحج ، وذاع القول به إلى يومنا هذا بين المذاهب خصوصا بين الحنابلة.
قد عرفت أنّ حجّ التمتّع عبارة عن الإهلال بالعمرة ثمّ الإهلال بعد الإتيان بها ثمّ الإحرام إلى الحجّ ، وإليه يشير قوله سبحانه ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ).
قال القرطبي : التمتّع بالعمرة إلى الحجّ عند العلماء على أربعة أوجه منها وجه واحد مجتمع عليه ، والثلاثة مختلف فيها.
فأمّا الوجه المجتمع عليه فهو التمتع المراد بقول الله جلّ وعز : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ
__________________
١. صحيح مسلم : ٤ / ٤٨ ، باب جواز التمتع.