الأرجل مكان الغسل ، أخذ ـ بعد فترة من الزمن ـ من لا يعرف الناسخ والمنسوخ بالسنّة المنسوخة ، وآثار الخلاف غافلا عن أنّ الواجب عليه الأخذ بالقرآن الناسخ للسنّة وفيه سورة المائدة التي هي آخر سورة نزلت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أخرج ابن جرير عن أنس قال : نزل القرآن بالمسح ، والسنّة بالغسل. (١)
ويريد من السنّة عمل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل نزول القرآن ، ومن المعلوم أنّ القرآن حاكم وناسخ.
وقال ابن عباس : أبى الناس إلاّ الغسل ، ولا أجد في كتاب الله إلاّ المسح. (٢)
وبهذا يمكن الجمع بين ما حكي من عمل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الغسل وبين ظهور الآية في المسح ، وانّ الغسل كان قبل نزول الآية.
ونرى نظير ذلك في المسح على الخفّين ، فقد روى حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي أنّه قال : « سبق الكتاب الخفّين ». (٣)
وروى عكرمة عن ابن عباس قال : سبق الكتاب الخفّين. ومعنى ذلك انّه لو صدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في فترة من عمره ، المسح على الخفّين ، فقد جاء الكتاب على خلافه ناسخا له حيث قال ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) أي امسحوا على البشرة لا على النعل ولا على الخفّ ولا الجورب. (٤)
كان الحكام مصرّين على غسل الأرجل مكان المسح ويلزمون الناس على
__________________
١ و ٢. الدر المنثور : ٣ / ١ ، ٤.
٣ و ٤. مصنف ابن أبي شيبة : ١ / ٢١٣ ، باب من كان لا يرى المسح ، الباب ٢١٧.