ذلك بدل المسح لخبث باطن القدمين ، وبما انّ قسما كثيرا منهم كانوا حفاة ، فراق في أنفسهم تبديل المسح بالغسل ، ويدلّ على ذلك بعض ما ورد في النصوص.
١. روى ابن جرير عن حميد ، قال : قال موسى ابن أنس ونحن عنده : يا أبا حمزة انّ الحجاج خطبنا بالأهواز ونحن معه وذكر الطهور ، فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ، وانّه ليس شيء من ابن آدم أقرب من خبثه من قدميه ، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما.
فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج قال الله تعالى ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) قال : وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما. (١)
٢. وممّا يعرب عن أنّ الدعاية الرسمية كانت تؤيد الغسل ، وتؤاخذ من يقول بالمسح ، حتّى أنّ القائلين به كانوا على حذر من إظهار عقيدتهم فلا يصرّحون بها إلاّ خفية ، ما رواه أحمد بن حنبل بسنده عن أبي مالك الأشعري انّه قال لقومه : اجتمعوا أصلّي بكم صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلمّا اجتمعوا ، قال : هل فيكم أحد غيركم؟ قالوا : لا ، إلاّ ابن أخت لنا ، قال : ابن أخت القوم منهم ، فدعا بجفنة فيها ماء ، فتوضّأ ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه ، ثمّ صلّى. (٢)
هذه وجوه ثلاثة يمكن أن يبرّر بها الغسل مكان المسح مع دلالة الكتاب العزيز على المسح ، والأقرب هو الثاني ثمّ الثالث.
__________________
١. تفسير القرآن لابن كثير : ٢ / ٢٥ ؛ تفسير القرآن للطبري : ٦ / ٨٢.
٢. مسند أحمد : ٥ / ٣٤٢ ؛ المعجم الكبير : ٣ / ٢٨٠ برقم ١٢ ٣٤.