وربما يحتجّ على جواز الإتمام بفعل عثمان الذي أتمّ في مكة وفي منى مع أنّه كان مسافرا ومهاجرا عن مكة ومتوطّنا في المدينة.
يلاحظ على هذا الاحتجاج : أنّ فعل الصحابي ليس حجّة ما لم يستند إلى حديث صحيح عن رسول الله ، فإنّ الحجة هي فعل المعصوم لا فعل غيره.
أضف إلى ذلك انّه قامت الضجة ضد عثمان واستنكره كثير من الصحابة حتى استرجع عبد الله بن مسعود.
والذي يدلّ على أنّ عثمان أتمّ من عند نفسه من دون دليل صالح ، ما أخرجه مسلم عن الزهري عن عروة عن عائشة.
قال الزهري : فقلت لعروة : ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال : إنّها تأوّلت كما تأوّل عثمان. (١)
ونقله ابن حزم في « المحلى » ، قال : قال الزهري ، فقلت لعروة : فما كان عمل عائشة ان تتم في السفر وقد علمت أنّ الله تعالى فرضها ركعتين ركعتين؟ قال : تأوّلت من ذلك ما تأوّل عثمان من إتمام الصلاة بمنى. (٢)
فلو كان لعثمان دليل على جواز الإتمام لاحتجّ به ولم يلجأ إلى التأويل ، وهذا دليل على أنّ القصر في السفر متعيّن ولكنّه أتمّ بمسوّغ خاص هو أعلم به.
وقد قام غير واحد ممّن يحاول تبرير فعل الخليفة وأمّ المؤمنين بنحت أعذار لهما!!
__________________
١. شرح صحيح مسلم : ٥ / ٢٠٢ ، كتاب صلاة المسافرين.
٢. المحلّى : ٤ / ٢٧٠.