يظهر ممّا رواه الحلبي أنّ الرائي للأذان لم يكن منحصرا بابني زيد والخطاب ، بل ادّعى أبو بكر أنّه أيضا رأى نفس ما رأياه ، وقيل : سبعة من الأنصار ، وقيل : أربعة عشر (١) كلّهم ادّعوا أنّهم رأوا في الرؤيا الأذان ، وليست الشريعة شرعة لكل وارد ، فإذا كانت الشريعة والأحكام خاضعة لرؤيا كلّ وارد فعلى الإسلام السّلام.
إنّ صريح صحيح البخاري أنّ النبي أمر بلالا في مجلس التشاور بالنداء للصلاة وعمر حاضر حين صدور الأمر ، فقد روى عن ابن عمر : كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصلاة ، ليس ينادى لها ، فتكلّموا يوما في ذلك فقال بعضهم : اتّخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى ، وقال بعضهم : بل بوقا مثل قرن اليهود ، فقال عمر : أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله : يا بلال قم فناد بالصلاة. (٢)
وصريح أحاديث الرؤيا : أنّ النبي إنّما أمر بلالا بالنداء إذ قصّ عليه ابن زيد رؤياه ولم يكن عمر حاضرا وإنّما سمع الأذان وهو في بيته ، خرج وهو يجرّ ثوبه ويقول : والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى. (٣)
وليس لنا حمل ما رواه البخاري على النداء بـ « الصلاة جامعة » وحمل
__________________
١. السيرة الحلبية : ٢ / ٣٠٠.
٢. صحيح البخاري : ١ / ١٢٠ ، باب بدء الأذان.
٣. لاحظ الحديث رقم ٢.