نعم روي ذلك مرفوعا عن أبي هريرة ، كما روي أنّ عمر كان يترك القران والتمتع ويذكر أنّ ذلك أتمّ للحجّ والعمرة وأن يعتمر في غير شهور الحجّ ، فان الله تعالى يقول ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) وروى نافع عن ابن عمر أنّه قال : « فرّقوا بين حجّكم وعمرتكم ». (١)
كما روي ذلك القول عن قتادة أنّه قال : « الاعتمار في غير أشهر الحج » (٢) ، ولعلّه أراد العمرة المفردة لا عمرة التمتّع التي لا تنفكّ عن الحجّ.
فظهر ممّا ذكرنا انّ المراد بإتمام الحجّ والعمرة لله هو إكمالهما على النحو المقدور ، فإن لم يمنع حابس يكمله بإتيان عامّة الأجزاء وإن حُصِر ، يخرج من الإحرام على النحو الذي سيوافيك ، وهو أيضا نوع من الإتمام.
وأمّا تفسير الإتمام بإنشاء السفر لكلّ من العمرة والحجّ ، فغير مفهوم من الآية ومخالف لسيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث أمر أصحابه بإدخال العمرة في الحجّ وتبديل النيّة من الحجّ إلى العمرة ، وقد كان ذلك شاقّا على أصحابه ، لأنّهم كانوا قد أحرموا للحجّ على النحو الرائج في العصر السابق ، فمن حاول تفسير الآية بتفكيك العمرة عن الحجّ بإنشاء سفرين : أحدهما في أشهر الحجّ والآخر يعني : العمرة في غيره ، فقد فسّر الآية برأيه أوّلا ، وخالف سنّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثانيا.
لمّا أمر سبحانه حجاج بيته بإتمام الحجّ والعمرة وإكمالهما ، حاول بيان وظيفة المحصر الذي يمنعه حابس عن إكمال الحجّ والعمرة ، فقال : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا
__________________
١. تفسير الرازي : ٥ / ١٤٥.
٢. التبيان : ١ / ١٥٤.