لفيفا منهم عملوا بها وأفتوا على ضوئها ، ذكر أسماءهم ابن رشد في « بداية المجتهد » والنووي في « المجموع » على ما مرّ ، وإليك الأعذار التي التجأ إليها المخالف وهي أوهن من بيت العنكبوت.
إنّ ممّا يؤخذ على هذه الروايات ترك الجمهور للعمل بها ، وهو يوجب سقوط الاستدلال بها.
يقول الترمذي بعد ذكر أحاديث الجمع : والعمل على هذا عند أهل العلم :
أن لا يجمع بين الصلاتين إلاّ في السفر أو بعرفة. (١)
وقد ردّ عليه غير واحد من المحقّقين.
أ. يقول النووي : هذه الروايات الثابتة في مسلم كما تراها وللعلماء فيها تأويلات ومذاهب ، وقد قال الترمذي في آخر كتابه : ليس في كتابي حديث أجمعت الأمّة على ترك العمل به إلاّ حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر ، وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة. (٢)
وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله فهو حديث منسوخ دلّ الإجماع على نسخه ، وأمّا حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به بل لهم أقوال ، ثمّ ذكر بعض التأويلات التي نشير إليها. (٣)
ب. وقال الشوكاني ردا على الترمذي : ولا يخفاك انّ الحديث صحيح ، وترك الجمهور للعمل به لا يقدح في صحته ولا يوجب سقوط الاستدلال به ، وقد أخذ
__________________
١. سنن الترمذي : ١ / ٣٥٤.
٢. لاحظ العلل : ٢ / ٣٣١ و ٤ / ٣٨٤.
٣. شرح صحيح مسلم للنووي : ٥ / ٢٢٤.