به بعض أهل العلم كما سلف وإن كان ظاهر كلام الترمذي انّه لم يأخذ به ولكن قد أثبت ذلك غيره ، والمثبت مقدّم. (١)
ج. وقال الآلوسي : مذهب جماعة من الأئمة جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذ عادة ، وهو قول ابن سيرين ، وأشهب من أصحاب مالك ، وحكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الإمام الشافعي ، وعن أبي إسحاق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث ، واختاره ابن المنذر ، ويؤيده ظاهر ما صحّ عن ابن عباس ، ورواه مسلم أيضا ، انّه لما قال : جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر : قيل له : لِمَ فعل ذلك؟ فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمّته.
وهو من الحرج بمعنى المشقة فلم يعلّله بمرض ولا غيره.
ويعلم ممّا ذكرنا أنّ قول الترمذي في آخر كتابه : ليس في كتابي حديث أجمعت الأمّة على ترك العمل به إلاّ حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة ، ناشئ من عدم التتبع ، نعم ما قاله في الحديث الثاني صحيح فقد صرحوا بأنّه حديث منسوخ دلّ الإجماع على نسخه. (٢)
د. وبهذه النقود ظهر انّه ليس هناك إعراض عن العمل بهذه الأحاديث ، ولعلّ عدم إفتاء الجمهور بمضمون هذه الأحاديث هو كون التوقيت والتفريق أحوط.
لكن هذا الاحتياط يخالف مع احتياط آخر ، وهو انّ التفريق في أعصارنا هذا
__________________
١. نيل الأوطار : ٣ / ٢١٨ تحت باب جمع المقيم في مطر أو غيره.
٢. روح المعاني : ١٥ / ١٣٣ ـ ١٣٤ في تفسير الآية ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ).