لا يخفى انّ كلّ هذا الضجيج الذي أثير حول النكاح المؤقت ما ظهر إلاّ لتبرير عمل الخليفة الثاني الذي حرم ما نص على حلّيته الذكر الحكيم والسنّة النبوية وسيرة الصحابة وقضاء الفطرة الإنسانية ، فلم يجدوا بدّا إلاّ القول بمنسوخية التشريع في حياة الرسول وجاء عمل الخليفة الثاني كتعزيز وتأكيد لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، غير انّ هذا التبرير لا يعضده التأريخ ويزيّفه قول الخليفة نفسه ، فإنّه نسب صراحة التحريم إلى نفسه ، وقد مرّ نصّه وذلك بعد ما وقف على قضية عمرو بن حريث وانّه تمتع ، فثارت ثورته من العمل المذكور فقال ما قال.
وأجود ما يقال في تبرير عمل الخليفة أنّ تحريمه انطلق من مصلحة زمنية في نظره دعته إلى تحريمها والكيد بفاعلها.
وما ذكرناه من التوجيه هو الذي مال إليه الشيخ كاشف الغطاء ـ رضوان الله عليه ـ فقال : إذا أردنا أن نسير على ضوء الحقائق ، ونعطي المسألة حقّها من التمحيص والبحث عن سرّ ذلك الارتباك وبذرته الأولى ـ التي نمت وتأثلت ـ لا نجد حلا لتلك العقدة إلاّ أنّ الخليفة قد اجتهد برأيه لمصلحة رآها بنظره للمسلمين في زمانه وأيامه ، اقتضت أن يمنع من استعمال المتعة منعا مدنيا لا دينيا ، لمصلحة زمنية ، ومنفعة وقتية ، ولذا تواتر النقل عنه أنّه قال : « متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أحرّمهما وأعاقب عليهما ». ولم يقل انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم