شيء فأتيت أبا هريرة ، فسألته فصدّق مقالته ». (١)
فأي الحديثين أولى بالأخذ؟
والحديث محمول على تأخير صلاة العشاء حتّى يدخل وقت صلاة الفجر لا تأخيره إلى نهاية الوقت ويؤيّده ورود الرواية في ليلة التعريس الّتي ينشغل فيها الإنسان بأمور حتى يدخل وقت صلاة الفجر.
إنّ الرواية الثالثة التي أخرجها مسلم ، ورد في سندها حبيب بن أبي ثابت قال في حقّه الخطابي في معالم السّنن : هذا حديث لا يقول به أكثر الفقهاء ، وإسناده جيّد إلاّ ما تكلّموا من أمر حبيب. (٢)
يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره من أنّ الحديث لا يقول به أكثر الفقهاء حق ، ولكن يقول به كثير من الفقهاء ومن يؤخذ عنه الفتوى وقد مرّت أسماؤهم ، وأمّا عدم أخذ الأكثر به فقد عرفت أنّ الوجه في عدم الأخذ إمّا لكون التفريق موافقا للاحتياط أو كونه مخالفا لما استمرّ عليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا الاحتياط فقد مرّ أنّ الإفتاء بلزوم التفريق في ظروفنا هذه على خلاف الاحتياط ، لأنّه ربما ينتهي الأمر بسببه إلى ترك الصلاة رأسا.
وأمّا فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد عرفت أنّه جمع أيضا ، ليفهم الأمّة على أنّ استمراره على التفريق سنّة مؤكّدة وليست بفرض.
وأمّا ما ذكر من أنّهم تكلّموا في حبيب بن أبي ثابت ، فهو يخالف ما ذكره
__________________
١. لاحظ الرواية برقم ٦.
٢. معالم السنن : ٢ / ٥٥ ، رقم ١١٦٧.