الكتاب العزيز والسنّة الصحيحة يقول : إنّ العمل عندهم على أقوال كتبهم دون كتاب الله وسنّة رسوله. (١)
لمّا وقف ابن تيمية على أنّ قراءة الخفض تستلزم العطف على الرءوس فيلزم حينئذ مسح الرجلين لا غسلهما ، التجأ إلى تأويل النص ، وقال :
« ومن قرأ بالخفض فليس معناه وامسحوا أرجلكم كما يظنه بعض الناس ، لأوجه : أحدهما : انّ الذين قرءوا ذلك من السلف ، قالوا : عاد الأمر إلى الغسل ». (٢)
يلاحظ عليه : أنّه لو صحّ ما ذكره لزم القول بأنّ السلف تركوا القرآن وراء ظهورهم وأخذوا بما لا يوافق القرآن ، ولو كان رجوعهم لأجل نسخ الكتاب فقد عرفت أنّ القرآن لا ينسخ بخبر الواحد. ولو سلّمنا جواز النسخ فسؤره المائدة لم ينسخ منها شيء.
ومن العجب أنّ ابن تيميّة ناقض نفسه فقد ذكر في الوجه السابع ما هذا نصه : « إنّ التيمّم جعل بدلا عن الوضوء عند الحاجة فحذف شطر أعضاء الوضوء وخفّ الشطر الثاني ، وذلك فإنّه حذف ما كان ممسوحا ومسح ما كان مغسولا ». (٣)
فلو كان التيمّم على أساس حذف ما كان ممسوحا فقد حذف حكم الأرجل في التيمّم ، فلازم ذلك أن يكون حكمه هو المسح حتّى يصحّ حذفه ، فلو كان حكمه هو الغسل لم يحذف ، بل يبقى كالوجه واليد ويمسح.
__________________
١. تفسير المنار : ٢ / ٣٨٦.
٢. التفسير الكبير : ٤ / ٤٨.
٣. المصدر نفسه : ٥٠.