وبما انّ المقام لا يقتضي التبسّط فلنقتصر على ذلك.
الرابع : المعروف انّ الخليفة حرم متعة الحجّ لاستلزامه التحلّل بين العمرة والحجّ ، وهذا ممّا كان يستهجنه الخليفة ويعرب عنه قوله :
« إنّي أخشى أن يعرّسوا بهنّ تحت الأراك ثمّ يروحوا بهنّ حجّاجا » ، وقوله : « كرهت أن يظلّوا معرسين بهنّ ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رءوسهم ».
وعلى ذلك فقد رخص في الإفراد والقران ، أمّا الفارد فلأنّ العمرة يؤتى بها بعد الحجّ ، وأمّا القران فان الحاج بما انّه يهل بالعمرة والحجّ معا فلا يتحلّل بين العملين.
ولكنّه بالنسبة إلى سائر أقواله فقد منع عن حجّ القران أيضا ، وذلك لأنّه كان يصر بفصل الحجّ عن العمرة مستدلا بأنّه ليس لأهل هذا البلد ضرع ولا زرع. (١) وكان ينادي بقوله : « فافصلوا حجّكم عن عمرتكم فإنّه أتم لحجّكم وأتمّ لعمرتكم » (٢) ومعنى ذلك حرمان أكثر الناس من العمرة التي دعا إليها سبحانه بقوله ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ) ، إذ ربما لا تتهيّأ الأسباب لإقامة الآفاقي في مكة المكرمة حتّى يحول الحول فيأتي بالعمرة نزولا لنهي الخليفة.
وما أبعد عمل الخليفة وما يرويه ابن عباس ، ويقول : والله ما أعمر رسول الله عائشة في ذي الحجّة إلاّ ليقطع بذلك أمر أهل الشرك ، وقال كانوا يرون أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور في الأرض. (٣)
الخامس : قد روي عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ما مرّ من احتدام النزاع بين
__________________
١ و ٢. مرّ كلامه ص ٤٠٨ ، ٤١٠ ، ٤١١.
٣. صحيح البخاري : ٣ / ٦٩.