قال الرازي : وأمّا مالك فإحدى الروايتين عنه انّه أنكر جواز المسح على الخفّين ، ولا نزاع انّه كان في علم الحديث كالشمس الطالعة فلو لا انّه عرف فيه ضعفا وإلاّ لما قال ذلك ، والرواية الثانية عن مالك انّه ما أباح المسح على الخفّين للمقيم وأباحه للمسافر مهما شاء من غير تقدير فيه. (١)
وروى النووي في « المجموع » عن مالك ست روايات ، إحداها : لا يجوز المسح ، الثانية : يجوز ولكنّه يكره ، الثالثة : يجوز أبدا وهي الأشهر عنه والأرجح عند أصحابه ، الرابعة : يجوز مؤقتا ، الخامسة : يجوز للمسافر دون الحاضر ، السادسة : عكسه. (٢)
٦. أبو بكر محمد بن داود الظاهري ، وهو ابن داود الذي ينسب إليه المذهب الظاهري. (٣)
هذا هو موقف الصحابة والتابعين وإمام الظاهريّة في المسألة ، والمهم هو دراسة الأدلّة ، فإنّ الإجماع غير محقّق في المسألة وقد عرفت وجود الاختلاف بينهم ، وقبل أن ندخل في صلب الموضوع نرى من الأجدر أن نشير إلى نكتة مهمة في المقام.
إنّ الاختلاف في الرأي إنّما يكون سائغا إذا كان نتيجة الاجتهاد في فهم الأدلّة ، كاختلاف المصلّين في غَسْل الأرجل ومَسْحِهما ، لأجل الاختلاف في عطف ( أَرْجُلَكُمْ ) في قوله سبحانه ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ـ حيث اختلفوا ـ في أنّها هل هي معطوفة على ( بِرُؤُسِكُمْ ) فلا بد من مسحهما أو على « الوجوه والأيدي » المذكورتين في الجملة السابقة فلا بد من
__________________
١. التفسير الكبير : ١١ / ١٦٣.
٢ و ٣. المجموع : ١ / ٥٠٠.