قال أبوبكر : فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام ، وأتعجب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى ، فرأيت والله الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته ، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء ، فحين رأيته ذكرت الأمر والرؤيا فقلت : لا إله إلا الله ما كان هذا إلا وحياً ، ثم سألته كمسألتي إياه في المنام ، فأجابني ثم قال لي : إمض بنا فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتني شئ في منامي إلا الآذن والحير ، فإني لم أر حِيراً ولم أر آذناً ؟ فاتق الله أيها الرجل ، فإني قد آليت على نفسي ألا أدعَ إذاعة هذا الحديث ، ولا زيارةَ ذلك الموضع وقصدَه وإعظامَه ، فإن موضعاً يأتيه إبراهيم ومحمد وجبرئيل وميكائيل عليهمالسلام لحقيقٌ بأن يرغب في إتيانه وزيارته ، فإن أبا حصين حدثني أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من رآني في المنام فإياي رأى ، فإن الشيطان لا يتشبه بي .
فقال له موسى : إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك ، وبالله لئن بلغني بعد هذا الوقت أنك تتحدث بهذا لأضربن عنقك ، وعنق هذا الذي جئت به شاهداً علي ! فقال أبوبكر : إذن يمنعني الله وإياه منك ، فإني إنما أردت الله بما كلمتك به !
فقال له : أتراجعني يا عامر وشتمه ! فقال له : أسكت أخزاك الله وقطع لسانك !
فأرعد موسى على سريره ثم قال : خذوه !