وما سمعته من قوله : ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدراً مني . وكان المؤدب يأكل معي فرفع يده وقال : بالله إنك سمعت هذا اللفظ منه ؟ فقلت له : والله إني سمعته يقوله ، فقال لي : إعلم أن المتوكل لا يبقى في مملكته أكثر من ثلاثة أيام ويهلك ! فانظر في أمرك وأحرز ما تريد إحرازه وتأهب لأمرك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث أو سبب يجري .
فقلت له : من أين لك ذلك ؟ فقال : أما قرأت القرآن في قصة صالح والناقة وقوله تعالى : تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ . ولا يجوز أن تبطل قول الإمام عليهالسلام ! قال زرافة ، فوالله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغا ووصيف والأتراك على المتوكل فقتلوه وقطعوه ، والفتح بن خاقان جميعاً ، قطعاً حتى لم يعرف أحدهما من الآخر ، وأزال الله نعمته ومملكته !
فلقيت الإمام أبا الحسن عليهالسلام بعد ذلك وعرفته ما جرى مع المؤدب وما قاله ، فقال : صدق إنه لما بلغ مني الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون والسلاح والجنن ، وهو دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه الله » . « مهج الدعوات / ٢٦٧ » .
وفي
الخرائج : ١ / ٤٠٢ :
ذكر زرافة حديثه مع مؤدبه وقال : « فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين يدي ، فخرج . فلما خلوت بنفسي تفكرت وقلت : ما يضرني أن آخذ بالحزم ، فإن كان من هذا شئ كنت قد أخذت بالحزم ، وإن لم يكن لم يضرني ذلك ، قال : فركبت إلى دار المتوكل فأخرجت كل ما كان لي فيها ، وفرقت كل ما