ففي تاريخ الذهبي « ١٨ / ١١٩ » : « ولي بغداد عبد الله بن إسحاق ، فجاء رسوله إلى أبي عبد الله فذهب إليه فقرأ عليه كتاب المتوكل فقال له : يأمرك بالخروج . فقال : أنا شيخ ضعيف عليل . فكتب عبد الله بما رد عليه ، فورد جواب الكتاب بأن أمير المؤمنين يأمره بالخروج . فوجه عبد الله جنوده ، فباتوا على بابنا أياماً حتى تهيأ أبوعبد الله للخروج ، فخرج ، وخرج صالح ، وعبد الله ، وأبو رميلة .
قال صالح : كان حَمْلُ أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين ، ثم عاش إلى سنة إحدى وأربعين ، فكان قَلَّ يومٌ يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه ...
لما دخلنا إلى العسكر إذا نحن بموكب عظيم مقبل ، فلما حاذى بنا قالوا : هذا وصيف ، وإذا فارس قد أقبل فقال لأحمد : الأمير وصيف يقرؤك السلام ، ويقول لك : إن الله قد أمكنك من عدوك ، يعني ابن أبي دؤاد ، وأمير المؤمنين يقبل منك فلا تدع شيئاً إلا تكلمت به ، فما رد عليه أبوعبد الله شيئاً ، وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين ، ودعوت لوصيف . ومضينا فأنزلنا في دار إيتاخ ولم يعلم أبوعبد الله ، فسأل بعد ذلك : لمن هذه الدار قالوا : هذه دار إيتاخ . فقال : حولوني ، إكتروا لي . فلم نزل حتى اكترينا له داراً .
وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكل والفاكهة والثلج وغير ذلك . فما نظر إليها أبوعبد الله ، ولا ذاق منها شيئاً .
وكانت نفقة المائدة كل يوم مائة وعشرين درهماً . وكان يحيى بن خاقان وابنه عبيد الله وعلي بن الجهم ، يأتون أبا عبد الله ويختلفون إليه برسالة المتوكل .