قال ابن كثير في النهاية « ١٠ / ٣٠٦ » : « ولم يزل رأسه منصوباً من يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان من هذه السنة ، أعني سنة إحدى وثلاثين ومائتين إلى بعد عيد الفطر بيوم أو يومين من سنة سبع وثلاثين ومائتين ، فجمع بين رأسه وجثته ودفن بالجانب الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية رحمهالله . وذلك بأمر المتوكل على الله الذي ولي الخلافة بعد أخيه الواثق » .
وقال في النهاية « ١٠ / ٣٤٨ » : « وفي عيد الفطر منها « سنة ٢٣٧ » أمر المتوكل بإنزال جثة أحمد بن نصر الخزاعي ، والجمع بين رأسه وجسده وأن يسلم إلى أوليائه ، ففرح الناس بذلك فرحاً شديداً ، واجتمع في جنازته خلق كثير جداً ، وجعلوا يتمسحون بها وبأعواد نعشه ، وكان يوماً مشهوداً . ثم أتوا إلى الجذع الذي صلب عليه فجعلوا يتمسحون به ، وأرهج العامة بذلك فرحاً وسروراً ، فكتب المتوكل إلى نائبه يأمره بردعهم عن تعاطي مثل هذا ، وعن المغالاة في البشر .
ثم كتب المتوكل إلى الآفاق بالمنع من الكلام في مسألة الكلام ، والكف عن القول بخلق القرآن ، وأن من تعلم علم الكلام لو تكلم فيه فالمطبق مأواه إلى أن يموت . وأمر الناس أن لا يشتغل أحد إلا بالكتاب والسنة لا غير .
ثم أظهر إكرام الإمام أحمد بن حنبل واستدعاه من بغداد إليه ، فاجتمع به فأكرمه وأمر له بجائزة سنية فلم يقبلها ، وخلع عليه خلعة سنية من ملابسه فاستحيا منه أحمد كثيراً ، فلبسها إلى الموضع الذي كان نازلاً فيه ، ثم نزعها نزعاً عنيفاً وهو يبكي رحمه الله تعالى .