أقول : سبحان مغير الأحوال ، فقد كان ابن أبي دؤاد مطيعاً لسيده ابن أكثم ، فاختاره نديماً للمأمون فصارت له عنده مكانة ، وأراد إزاحة ابن أكثم فلم يستطع .
ثم وضع خطة للمعتصم فسرق الخلافة من ابن أخيه المأمون ، فصار المعتصم خليفة وصار ابن أبي دؤاد مدبر المملكة ، وحاكمها المطلق !
لقد عمل هذان القاضيان بقواعد سياسة القصور ومكائدها ، بالخبث ، والتجسس والتآمر ، والتزلف ، والتزييف ، والكذب ، والنفاق ، والخديعة ، والتلاعب بأحكام الله تعالى ، ومفاهيم الدين ، وقتل الخصم بالسم ، وبأي طريقة ممكنة ! كل ذلك من أجل البقاء في منصب ، أو الحصول عليه ، أو شفاء غيض ، أو إثبات الذات ، وإرضاء غرورها وكبريائها . أعاذنا الله وعباده المؤمنين .
كان محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب كبير أسرة أبي الشوارب ، وهو أموي من ذرية أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس .
كان محدثاً معروفاً في البصرة ، وفيه ميلٌ الى التشيع ، وقد أحضره المتوكل الى سامراء ، فاتفق مع زميله إبراهيم التيمي أن لا يقبلا القضاء ، فنكث التيمي !
قال
في تاريخ بغداد « ٦ / ١٤٨ » :
« أشخص إبراهيم بن محمد التيمي ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، فلما حضرا دار المتوكل أمر بإدخال ابن أبي الشوارب ، فلما دخل عليه قال : إني أريدك للقضاء . فقال : يا أمير المؤمنين لا أصلح له . فقال : تأبون يا بنى أمية إلا كبراً ! فقال : والله يا أمير المؤمنين ما بي كبر ،
ولكني لا