الزوار ما أراده ، فاجتمعت إليه جماعة من الأعراب ، ومضى فقصد شاهي فأقام بها إلى الليل ، ثم دخل الكوفة ليلاً ، وجعل أصحابه ينادون : أيها الناس أجيبوا داعي الله ، حتى اجتمع إليه خلق كثير ..
ثم وصف معاركه وشهادته وقال : ولم يتحقق أهل الكوفة قتل يحيى ، فوجه إليهم الحسين بن إسماعيل أبا جعفر الحسني يعلمهم أنه قد قتل ، فشتموه وأسمعوه ما يكره وهموا به وقتلوا غلاماً له ، فوجه إليهم أخاً كان لأبي الحسن يحيى بن عمر من أمه يعرف بعلي بن محمد الصوفي من ولد عمر بن علي بن أبي طالب ، وكان رجلاً رفيقاً مقبولاً ، فعرف الناس قتل أخيه فضجوا بالبكاء والصراخ والعويل وانصرفوا ، وانكفأ الحسين بن إسماعيل إلى بغداد ومعه رأس يحيى بن عمر . فلما دخل بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكاراً له ويقولون : إن يحيى لم يقتل ، ميلاً منهم إليه ، وشاع ذلك حتى كان الغوغاء والصبيان يصيحون في الطرقات : ما قتل وما فر ، ولكن دخل البر !
وقد كان خرج مع يحيى بن عمر جماعة من وجوه أهل الكوفة وأولى الفضل منهم ، فسمعت بعض مشايخنا من الكوفيين يذكر وهو محمد بن الحسين ، أن أبا محمد عبد الله بن زيدان البجلي خرج معه معلماً ، وكان أحد فرسان أصحابه .
وقد لقيته أنا وكتبت عنه ، وكنت أرى فيه
من الحذر والتوقى من كثير من الناس ما يدل على صدق ما ذكر عنه . وما بلغني أن أحداً ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب ، رُثِيَ بأكثر مما رثيَ به يحيى ، واتفق في وقت مقتله