عدة شعراء مجيدون للقول ، أولوا هوى في هذا المذهب ، إلا أنني ذكرت بعض ذلك ، كراهية الإطالة .
فمنه قول علي بن العباس الرومي يرثيه ، وهي من مختار ما رُثيَ به ، بل إن قلت إنها عين ذلك والمنظور إليه ، لم أكن مبعداً ، لولا أنه أفسدها بأن جاوز الحد وأغرق في النزع ، تعدى المقدار بسب مواليه من بني العباس ، وقوله فيهم من الباطل مالا يجوز .. ثم أوردها أبو الفرج وهي مئة وعشرة أبيات ، نختار منها :
أمامك فانظر أيَّ نهيجك تنهج |
|
طريقان شتى مستقيمٌ وأعوجُ |
ألا أيهذا الناسُ طالَ ضريرُكم |
|
بآل رسول الله فاخشوا أوارتجوا |
أكلُّ أوانٍ للنبيِّ محمدٍ |
|
قتيل زكي بالدماء مضرَّج |
تبيعون فيه الدين شر أئمة |
|
فلله دين الله قد كاد يُمْرَج |
بني المصطفى كم يأكلُ الناس شِلوَكم |
|
لبلواكمُ عما قليلٍ مُفَرِّجُ |
أما فيهمُ راعٍ لحق نبيهِ |
|
ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ |
أبَعْدَ المكَنَّى بالحسين شهيدكم |
|
تضاءُ مصابيحُ السماء فتُسرج |
لنا وعلينا لا عليه ولا لهُ |
|
تسجسجُ أسرابُ الدموع وتَنْشُجُ |
وكيف نبكِّي فائزاً عند ربه |
|
له في جنان الخلد عيشٌ مخرفج |
فإلا يكن حياٌ لدينا فإنه |
|
لدى الله حيٌّ في الجنان مزوج |
وقد نال في الدنيا سناءً وصيةً |
|
وقام مقاماً لم يقمه مزلَّج |
أبيتُ إذا نام الخليُّ كأنما |
|
تبطَّنَ أجفاني سيالٌ وعوسج |
أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفهُ |
|
يباشر مكواها الفؤاد فينضج |
أحين تراءتك العيون جلاءها |
|
وأقذاءها أضحت مراثيك تنسج |