فهجموا علينا وقصدوا المتوكل ، وصعد باغر وآخر إلى السرير فصاح الفتح : ويلكم مولاكم ! وتهارب الغلمان والجلساء والندماء وبقي الفتح ، فما رأيت أحداً أقوى نفساً منه ، بقي يمانعهم ، فسمعت صيحة المتوكل إذ ضربه باغر بالسيف المذكور على عاتقه فقدَّه إلى خاصرته ، وبعج آخر الفتح بسيفه فأخرجه من ظهره وهو صابرٌ لايزول ، ثم طرح نفسه على المتوكل فماتا ، فَلُفَّا في بساط ثم دفنا معاً . وكان بُغا الصغير استوحش من المتوكل لكلام ، وكان المنتصر يتألف الأتراك ، لا سيما من يُبعده أبوه » .
وتقدم من سمط النجوم « ٣ / ٤٦٦ » : « فضربهما باغر ضربة ثانية فماتا جميعاً ، فلفهما معا في بساط ، ومضى هو ومن معه ، ولم ينتطح في ذلك عنزان » .
أقول : لم ينتطح في المتوكل عنزان ، لأن غير الأتراك لا قرونَ لهم ، والأتراك أصحاب القرون أمسكوا برقبة الخلافة ، ينصبون من يعجبهم ويعزلون من لا يعجبهم .
سيطرة المماليك على خلافة العباسيين !
كان شراء المماليك في زمن بني أمية رائجاً ، ففي تاريخ الطبري « ٥ / ٥٣٣ » : « وفي هذه السنة « ١٢٥ هجرية » كتب يوسف بن عمر « والي العراق الأموي » إلى نصر بن سيار « والي خراسان » يأمره بالقدوم عليه ، ويحمل معه ما قدر عليه من الهدايا والأموال .. فلما أتى نصراً كتابه ، قسَّم على أهل خراسان الهدايا ، وعلى عماله « أي شراءها » فلم يدع بخراسان جارية ولا عبداً ، ولا برذوناً فارهاً إلا أعده ، واشترى ألف مملوك وأعطاهم السلاح ، وحملهم على الخيل .