فما راعني (١) إلاّ انثيال الناس علىٰ فلان ـ يعني أبا بكر ـ يبايعونه ، فأمسكت يدي حتّىٰ رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلىٰ محق دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرىٰ فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علَيّ أعظم من فوت ولايتكم الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل ، يزول منها ما كان ، كما يزول السراب ، أو كما يتقشّع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتّىٰ زاح الباطل وزهق ، واطمأنّ الدين وتنهنه » (٢).
فلو أنّ الإمام عليهالسلام كان يرىٰ الخلافة شورىٰ لما صدرت عنه الأقوال السابقة ، ولسلّم ما سُلّمت إليه الأُمور حسب خلافة الشورىٰ الشرعية ـ كما هو مدّعىٰ الكاتب ـ وما كان ليعترض أو يرىٰ أنّ اختيارات الشورىٰ هذه : طخية عمياء ، أو الاستئثار عليه بغير حقّ ، أو أنّهم هجروا السبب الّذي أُمروا بمودّته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه فبنوه في غير موضعه ... إلىٰ آخر كلماته عليهالسلام الواردة في المقام.
كما أنّه لم يكن معنىٰ لكلامه عليهالسلام : « ما كان يلقىٰ في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته ، ولا أنّهم منحّوه عنّي من بعده ... » غير سبق النصّ عليه من قبل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخلافة ، الأمر الّذي لم يكن متوقّعاً من بعض الأصحاب تجاهله أو
__________________
(١) راعني : أفزعني.
(٢) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١١٩.