الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (١).
فهاتان الآيتان في المكلّفين من أهل القبلة ، والآيات التي قبلها في الكافرين والمنافقين ...
ـ ثمّ قال : ـ والّذي نهى عنه أمير المؤمنين عليهالسلام أنّهم كانوا يشتمونهم بالآباء والأُمّهات ، ومنهم مَن يطعن في نسب قوم منهم ، ومنهم مَن يذكرهم باللؤم ، ومنهم مَن يعيّرهم بالجُبن والبخل وبأنواع الأهاجي الّتي يتهاجىٰ بها الشعراء وأساليبهم معلومة ؛ فنهاهم عليهالسلام عن ذلك وقال : « إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، ولكن الأصوب أن تصفوا أعمالهم وتذكروا حالهم » ، أي : أن تقولوا : إنّهم فسّاق ، وإنّهم أهل ضلال وباطل ، ثمّ قال : اجعلوا عوض سبّهم أن تقولوا : اللّهمّ احقن دماءنا ودماءهم ... (٢).
ودعوته عليهالسلام هنا وتأديبه لشيعته وأتباعه بدعاء الله عزّ وجلّ لهداية أعدائه هما في الواقع من خُلُق القرآن ، وخلق الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الّذي كان يدعو الله لقومه ـ رغم شدّة محاربتهم له ـ بالهداية ، ولم يكن صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعو الله سبحانه للانتقام منهم ، أو لاجتثاثهم من جديد الأرض.
والإمام عليّ عليهالسلام ربيب ذلك الخُلق العظيم ; فقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه : « عليّ منّي وأنا من عليّ » (٣) ..
__________________
(١) سورة النور : الآية ٢٣.
(٢) راجع تمام كلامه عليهالسلام في : ١١ / ٨ من شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد.
(٣) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١١٩ وصحّحه ، ولم يتعقّبه الذهبي بشيء ، خصائص أمير المؤمنين عليهالسلام : ٩٠ و ٩٨ ، تحفة الأحوذي في شرح سُنن الترمذي ١٠ / ١٥٢ ؛ قال المباركفوري : قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح ، ثمّ قال : وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة.