أُرضيه ـ بالخروج عن إساءتي. ج ٣ ص ١١٤.
ـ قال : ـ هذا كلام موجّه إلىٰ أتباعه وأنصاره ، وهو يخاطبهم بصيغة مَن لا يعتقد في نفسه ولا يعتقد فيه أصحابه العصمة ، ولو كانت عصمته أمراً معلوماً لكان أعرف الناس بها أصحابه وأتباعه وأنصاره ، ولكان الخطاب موجّهاً إليهم بصيغة الجزم والقطع بأنّه مظلوم مبغي عليه » (١).
إنّ كلام سيد البلغاء بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هنا يجري مجرىٰ الطريقة المعروفة في علم البلاغة بـ : الطريقة التشكيكية للسامع ، وإن كان المتكلّم غير شاك (٢) ، كما في قوله تعالىٰ : ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (٣).
والمتكلّم البليغ يستعمل هذه الطريقة غالباً في الخطاب إذا كانت الأُمور قد اشتبهت علىٰ السامعين ، فيدعوهم ـ وهو غير شاك بحقّه ـ بهذه الطريقة إلىٰ التفكّر والتدبّر الجادَّين بأن يجهدوا أنفسهم في نصيحته وإرشاده إلىٰ الحقّ ، كي يجرّهم ، عند الانصياع إلىٰ صوت العقل ، من موقفهم الحيادي أو المعادي للحقّ إلىٰ نصرة الحقّ وأهله ، لأنّ الحقّ واحد لا يتعدّد.
وكلامه عليهالسلام الوارد هنا ، الّذي كتبه إلىٰ أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلىٰ البصرة ، إنّما كتبه إلىٰ قوم لم يروه بعد ، ولم يسمعوه ، ولم
__________________
(١) ص ٢٩.
(٢) راجع : كتب البلاغة ـ مبحث العطف.
(٣) سورة سبأ : الآية ٢٤.