قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من خطبة له : « واعلموا أنّكم لن تعرفوا الرشد حتّىٰ تعرفوا الّذي تركه ، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتّىٰ تعرفوا الّذي نقضه ، ولن تمسكوا به حتّىٰ تعرفوا الّذي نبذه ، فالتمسوا ذلك من عند أهله ; فإنّهم عيش العلم ، وموت الجهل ، هم الّذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، وصمتهم عن منطقهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه » (١).
ثمّ يقول عليهالسلام في خطبة أُخرىٰ له يذكر فيها آل محمّد عليهمالسلام ، ويبيّن حقيقة منزلتهم للمسلمين : « هم عيش العلم ، وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه ، وهم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقّ في نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ؛ فإنّ رواة العلم كثير ، ورعاته قليل » (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٣٢.
(٢) ولائج : جمع وليجة ; وهي : ما يدخل فيه الساتر اعتصاماً من مطر أو برد أو توقّياً من مفترس.
نصابه : أصله ; والأصل في معنىٰ النصاب : مقبض السكين ، فكأنّ الحقّ نصل ينفصل عن مقبضه ويعود إليه.
وانزاح : زال.
وانقطاع لسان الباطل عن منبته ـ بكسر الباء ـ : أي عن أصله ; مجاز عن بطلان حجّته وانخذاله عند هجوم جيش الحقّ عليه.
عقل الوعاية : حفظ في فهم ، والرعاية : ملاحظة أحكام الدين وتطبيق الأعمال عليها ، وهذا هو العلم بالدين حقيقة ، أمّا السماع والرواية مجرّدين عن الفهم والرعاية فمنزلتهما لا تخالف منزلة الجهل إلاّ في الاسم.
نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٢٣٢.