منه ؛ فقد قال عليهالسلام : « رضينا عن الله قضاءه ، وسلّمنا لله أمره ، أتراني أكذب علىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ والله لأنا أوّل من صدّقه ، فلا أكون أوّل من كذب عليه ، فنظرت في أمري ; فإذا طاعتي سبقت بيعتي ، وإذا الميثاق في عنقي لغيري » (١).
وسأنقل للقارئ الكريم هنا كلام شارحي النهج : ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ، والشيخ محمّد عبده في شرح العبارة ، ليدرك مدىٰ الخلط وسوء الفهم الّذي وقع فيه الكاتب في فهم هذه العبارة !
قال ابن أبي الحديد : قوله : « فنظرت في أمري ... » إلىٰ آخر الكلام ، هذه كلمات مقطوعة من كلام يذكر فيه حاله بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه كان معهوداً إليه أن لا ينازع في الأمر ، ولا يثير فتنة ، بل يطلبه بالرفق فإن حصل له ، وإلاّ أمسك ، هكذا كان يقول عليهالسلام ، وقوله الحقّ ..
وتأويل هذه الكلمات :
فنظرت فإذا طاعتي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أي : وجوب طاعتي ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
قد سبقت بيعتي للقوم : أي : وجوب طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علَيّ ووجوب امتثالي أمره سابق علىٰ بيعتي للقوم ; فلا سبيل لي إلىٰ الامتناع من البيعة لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ علَيّ الميثاق بترك الشقاق والمنازعة ، فلم يحلّ لي أن أتعدّى أمره أو أُخالف نهيه.
ثمّ قال ابن أبي الحديد : فإن قيل : فهذا تصريح بمذهب الإمامية !
قيل : ليس الأمر كذلك ، بل هذا تصريح بمذهب أصحابنا ـ يعني
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ٨٩.