وممّا يشكل هنا علىٰ هذه الدعوىٰ ، بأنّ المراد من « فلان » في قول الإمام عليهالسلام السابق : عمر بن الخطّاب ، مجموعة أُمور نذكر بعضاً منها :
ما ذكره الإمام عليهالسلام في الخطبة الشقشقية عن خلافة عمر بن الخطّاب بصريح العبارة : « فيا عجباً !! بينما هو يستقيلها في حياته (١) ـ يريد أبا بكر ـ إذ عقدها لآخر بعد وفاته (٢) ، لشدّما تشطّرا
__________________
(١) قال الشيخ محمّد عبده في تعليقه علىٰ النهج : رووا أنّ أبا بكر قال بعد البيعة « أقيلوني فلست بخيّركم » وأنكر الجمهور هذه الرواية عنه ، والمعروف عندهم « وليتكم ولست بخيّركم » ص ٤٠.
وأقول : إنّ الرواية الأُولىٰ رواها : ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ / ٣١ ، ومحمّد بن الحسن الشيباني في السير الكبير ١ / ٣٦ ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١ / ١٦٩ ، والقرطبي في تفسيره ١ / ٢٧٢ ، والطبراني في المعجم الأوسط ٨ / ٢٦٧ ..
وإنّ استشهاد الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بهذه اللفظة هنا ، دليل علىٰ أنّ أبا بكر قد قالها فعلاً ، وقد اتّفقوا علىٰ أنّ مَن طلب الإقالة من الخلافة لا يصلح للخلافة ; لأنّ الخلافة إن كانت من الله فلا يحلّ لأبي بكر أن يتخلّف عن مورد أراده الله به ، وإن كانت من الناس فهو اعتراف بالعجز عن أداء المهمّة ، لذا بدأ الإمام عليهالسلام كلامه متعجبّاً هنا !
(٢) قال ابن قتيبة : ثمّ دعا ـ أبو بكر ـ عثمان بن عفّان فقال : اكتُب عهدي. فكتب عثمان وأملىٰ عليه :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا
ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة آخر عهده في الدنيا نازحاً عنها ، وأوّل عهده بالآخرة داخلاً فيها ، إنّي استخلفت عليكم عمر بن
الخطّاب ، فإن تروه عدلاً فيكم ، فذلك ظنّي به ورجائي فيه ، وإن بدّل وغيّر فالخير
أردت ولا أعلم الغيب ، وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون » ثمّ ختم الكتاب ودفعه ، فدخل عليه المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنّه استخلف عمر ، فقالوا :