ضرعيها (١) ! فسيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها (٢) ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ; فصاحبها كراكب الصعبة (٣) ، إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحم ، فمُني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس (٤) وتلوّن واعتراض ... » (٥).
فانظر ـ عزيزي القارئ ـ هل يستقيم كلامه عليهالسلام في النصّ السابق بأنّه ـ أي عمر بن الخطّاب ـ « قوّم الأود » ، أي الاعوجاج ، مع كلامه عليهالسلام الصريح بحقّه هنا ؟! اقرأ واحكم !!
__________________
نراك استخلفت علينا عمر ، وقد عرفته وعلمت بوائقه فينا وأنت بين أظهرنا ؟ فقال أبو بكر : لئن سألني الله لأقولن استخلفت عليهم خيّرهم في نفسي.
راجع : الإمامة والسياسة ١ / ٣٧ ، باب : مرض أبي بكر واستخلافه عمر رضي الله عنهما.
(١) لشدّما تشطّرا ضرعيها : جملة شبه قسمية ، اعترضت بين المتعاطفين ; فالفاء في فسيّرها عطف علىٰ عقدها ، ومراده عليهالسلام هنا : أنّهما اقتسما أمر الخلافة بينهما ، قال الشيخ محمّد عبده ـ في تعليقته علىٰ النهج ١ / ٣٣ ـ : فأطلق علىٰ تناول الأمر واحداً بعد واحد اسم التشطّر والاقتسام ، كأنّ أحدهما ترك منه شيئاً للآخر.
(٢) قال الشيخ محمّد عبده ـ في تعليقته علىٰ النهج ١ / ٣٣ ـ : الكُلام ـ بالضمّ ـ : الأرض الغليظة ، وفي نسخة : كلمها ، إنّما هو بمعنىٰ : الجرح ، كأنّه يقول : خشونتها تجرح جرحاً غليظاً.
(٣) قال الشيخ محمّد عبده ـ في تعليقته علىٰ النهج ١ / ٣٣ ـ : الصعبة من الإبل : ما ليست بذلول ، وراكبها إمّا أن يشنقها فيخرم أنفها ، وإمّا أن يسلس لها فترمي به في مهواة تكون فيها هلكته ، والضمير في قوله : « فصاحبها » راجع للخلافة.
(٤) قال الشيخ محمّد عبده ـ في تعليقته علىٰ النهج ١ / ٣٣ ـ : مني الناس : ابتلوا وأُصيبوا. والشِماس ـ بالكسر ـ : إباء ظهور الفرس عن الركوب. والخبط : السير علىٰ غير جادّة. والتلوّن : التبدّل. والاعتراض : السير علىٰ غير خطّ مستقيم. كأنّه يسير عرضاً في حال سيره طولاً ; يقال : بعير عرضي يعترض في السير لأنّه لم يتمّ رياضته. وفي فلان عرضية ، أي عجرفة وصعوبة.
(٥) نهج البلاغة ـ تحقيق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ٣٤.