وإن ارتدّ أو كفر أو فسق ، فهو عادل قد رضي الله عنه ورضي هو عن الله ، فهذا ممّا يرفضـه الشرع والعقل معاً ، ولا يوجد عليه دليل قطعاً ، بل القائل به خارج عن جماعة العقلاء والمتشرّعة.
أمّا المهاجرون والأنصار من غير السابقين الأوّلين فحالهم حال سائر الناس في توقّف حُسن حالهم علىٰ إحراز اتّباعهم الحسن.
أمّا قوله تعالىٰ : ( لَّقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) ، فهو دالّ علىٰ أنّ الله سبحانه راض عن بيعة المؤمنين ، ولم يقل سبحانه أنّه راضٍ عن جميع المبايعين ، أو أنّه راضٍ عن الّذين بايعوا ، هكذا بشكل مطلق يستفاد منه العموم ، وإنّما قيّد سبحانه رضاه بـ : « المؤمنين » فقط ، وعندها علينا إحراز إيمان الشخص المراد شموله بهذه الآية أوّلاً ، حتّىٰ نقول بعد ذلك : إنّه داخل تحت عموم آية الرضوان ، وأنّه حقّاً من الّذين رضي الله عنهم. وإلاّ ـ أي عند الشكّ في الموضوع ، وهو الشخص المراد تعديله بهذه الآية ـ لا يصحّ التمسّك بالعموم ؛ لأنّه من قبيل التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، وهو محلّ منع عند الأُصوليّين.
فقولنا ـ مثلاً ـ : أكرم العلماء ، لا يصحّ شموله لزيد ـ فيما إذا كان مصداقاً مشكوكاً في كونه عالماً أو لا ـ ما لم نحرز أنّه عالم حقّاً ; ليصحّ عندئذٍ إكرامه ودخوله في حكم وجوب الإكرام ، وأمّا إدخاله في حكم العامّ ـ أي كونه من العلماء الّذين يجب إكرامهم ـ مع الشكّ في كونه عالماً ، فهذا محلّ منع ، ولا يمكن المصير إليه ; وذلك لأنّ حكم العامّ لا يحرز موضوعه بنفسه ، بل إحراز الموضوع بتمامه يجب أن يتمّ في مرحلة متقدّمة عن الحكم ليصـدق انطباقه عليه.