فالأصحاب ـ وحسب التقسيم القرآني المستفاد من الآيات السابقة وآيات أُخرىٰ ـ فيهم العدول ، وهم عظماء الصحابة وعلماؤهم وأولياء أُمورهم ، وفيهم البغاة ، وفيهم أهل الجرائم من المنافقين ، وفيهم مجهول الحال.
بل علىٰ الكاتب أن يقرأ قوله تعالىٰ في سورة التوبة ذاتها ، الآية ١١٩ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ، الدالّ بكلّ وضوح علىٰ أنّ في الأُمّة صنفين من الناس :
الأوّل : المطالَبون بالتقوىٰ ، وبالكون مع الصادقين ، وهم عامّتها.
والثاني : الصادقون ، الّذين أمر الله المؤمنين بالكون معهم ..
فإن قلنا : إنّ الصحابة هم الصادقون حسب هذا الخطاب ، وكذلك هم المؤمنون المطالبون بالتقوىٰ ؛ يكون معنىٰ الآية إذاً : يا أيّها الصحابة ! كونوا مع أنفسكم !! وهذا الكلام غير مراد قطعاً ، فهو لا يصدر من البليغ ، لأنّه لا معنىٰ له ، فلا بُدّ أن يكون الصادقون ، الّذين أمر الله المؤمنين أن يكونوا معهم حسب هذه الآية ، قوماً آخرين غير مجموع الصحابة ، فمَن هؤلاء ؟!
أقول :
مَن رجع إلىٰ حديث الثقلين المار ذكره ، يجد الجواب جليّاً لا غطش ـ لا ظلمة ـ فيه (١).
وسيأتي بعد قليل بيان السُنّة النبوية لواقع الأصحاب وما هم عليه بما
__________________
(١) راجع : تفسير الرازي للآية الكريمة تجده يفسّرها كما بيّناه أعلاه.
وراجع : مَن ذكر أنّ المراد بالكون مع الصادقين في الآية الكريمة أي : مع عليّ ابن أبي طالب في الصواعق المحرقة : ٩٠ ، وفتح القدير ٢ / ٤١٥ وغيرها.