المعتزلة ـ من البغداديّين ; لأنّهم يزعمون أنّه الأفضل والأحقّ بالإمامة لولا ما يعلمه الله ورسوله من أنّ الأصلح للمكلّفين من تقديم المفضول عليه لكان مَن تقدّم عليه هالكاً (١). انتهىٰ.
والكلام الأخير لابن أبي الحديد هنا مردود عليه ; لأنّ تقديم المفضول علىٰ الفاضل قبيح عقلاً ، ومردود شرعاً ، بدليلي القرآن والسُنّة :
* أمّا الكتاب :
فقوله تعالىٰ : ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) ، وقوله تعالىٰ : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) (٣) ، إلىٰ غيرها من الآيات الكريمة الدالّة في المقام.
* وأمّا السُنّة :
فقد ورد عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « مَن استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلم أنّ فيهم أوْلىٰ بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسُنّة نبيّه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين » (٤).
وقد جرت علىٰ هذا الارتكاز العقلي والشرعي عقائد الناس ؛ قال
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢٩٦.
(٢) سورة يونس : الآية ٣٥.
(٣) سورة الزُمَر : الآية ٩.
(٤) سبق ذكر مصادره في ص ١٥٤.