إلىٰ غير ذلك من الآيات الدالّة علىٰ أنّ في الصحابة قابلية الخطأ ، وقابلية التخلّف عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجهاد وحبّ الحياة الدنيا ، بل قابلية الانقلاب والارتداد عن الدين ، أم أنّ المخاطبين بهذه الآيات قوم آخرون غير الصحابة ؟!
أو يقرأ قوله تعالىٰ : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ) (١).
أو الآيات الّتي جاءت بعد هذه الآية الكريمة ليقف عندها ، ثمّ ينظر إلىٰ التقسيم الإلهي الّذي جاء فيها لواقع الأصحاب وما هم عليه ، قال تعالىٰ : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ... وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ... وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢).
فهذا التقسيم القرآني لواقع الأصحاب يعطينا صورة واضحة عمّا كانوا عليه في حياة النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلامه عزّ وجلّ أصدق الكلام ، فالأجدر بالكاتب ، بل بكلّ باحث عن الحقيقة ، راغب في بيانها واطّلاع الناس عليها ، أن يتّخذه أساساً له في البحث في هذا الموضوع ، وأن لا يقول في دين الله إلاّ الحقّ ، ولا يغلو في الأصحاب ويحكم بعدالة كلّ فرد سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو رآه من المسلمين مطلقاً (٣).
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ١٠١.
(٢) سورة التوبة : الآيات ١٠٢ و ١٠٦ و ١٠٧.
(٣) انظر : نظرية عدالة الصحابة ، للمحامي الأردني أحمد حسين يعقوب ; لتقف علىٰ تعاريف القوم للصحبة وأقوالهم فيها.