ومَن يطّلع علىٰ أقوال المعارضين لبيعة أبي بكر من الصحابة كالعبّاس بن عبد المطّلب ، والفضل بن العبّاس ، وخالد بن سعيد الأُموي ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وسلمان الفارسي ، وأبي ذرّ الغفاري ، وعتبة ابن أبي لهب ، سيدرك بأنّ مسألة إجماع المهاجرين والأنصار علىٰ خلافة أبي بكر لا وجود لها ، وإنّما الخلافة هي حقّ ثابت لأمير المؤمنين عليهالسلام لا ينبغي لأحد أن ينازعه فيها (١) !
وفي ختام كلامي هنا ، أودّ أن أُجيب الكاتب عن السؤال الّذي صدّر به حديثه السابق ، وهو : هل تثبت الخلافة بالشورىٰ أو بالنصّ الإلٰهي ؟
إنّ الله سبحانه لم يجعل الخلافة شورىٰ ، ولم يترك للمسلمين اختيار مَن يحكمهم ، بل اختار لهم الأصلح في دينهم ودنياهم ; ويدلّ علىٰ ذلك أُمور :
١ ـ إنّ الشورىٰ تسبّب الاختلاف والتنازع ؛ وهذا ما وقع في سقيفة بني ساعدة (٢) ، واستمرّ الخلاف بسبب ذلك إلىٰ يومنا هذا ، مع أنّ غايات الشارع المقدّس إغلاق كلّ باب يؤدّي إلىٰ النزاع ، وسدّ كلّ ثغرة تؤدّي إلىٰ الخلاف.
__________________
(١) راجع أقوالهم ومصادرها في كتاب : الخلافة المغتصبة .. أزمة تاريخ أم أزمة مؤرّخ ؟ لمؤلّفه : الكاتب المغربي الأُستاذ إدريس الحسيني : ٨٤ ـ ٨٦.
(٢) راجع : كتب التاريخ التي تعرّضت لأحداث ووقائع السقيفة وما جرىٰ فيها بين الصحابة من لغط وسباب وتهديد بالقتل ، ومنها : الكامل في التاريخ ٢ / ٣٢٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٤٥ ، الإمامة والسياسة ـ لابن قتيبة ـ : ١٢ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢١ ، وغيرها.