ـ قال : ـ فإذا تمّت الحجّة بنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم فلا حجّة بعده ، وإلاّ فالحجّة لم تتمّ ، بينما سيّدنا عليّ يقول : إنّ الحجّة تمّت بنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وربّنا يقول : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ علىٰ اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) ، فلا حجّة بعدهم ؛ فلماذا يوصف غير الأنبياء عليهمالسلام بأنّهم : حجج الله ؟ » (١).
المراد من الحجّة هو : البرهان والدليل الّذي يقيمه الله لعباده ، ويجعله الأساس في خصمهم ومحاسبتهم يوم القيامة إن جاؤوا بخلافه ، وحجج الله تعالىٰ كثيرة لا عـدّ ولا حصـر لها ، وهي مختلفة حسب الموارد والاتّجاهات ; فمن حيث تبليغ الشرائع والرسالات والدعوة إلىٰ التوحيد وترك عبادة ما سواه جلّ وعلا ، فحججه في ذلك : أنبياؤه ورسله عليهمالسلام ، وإلى ذلك أشار تعالىٰ بقوله : ( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ علىٰ اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) (٢).
ومن حيث الأدلّة علىٰ وجوده سبحانه ، فحججه علىٰ عباده : آثاره من مخلوقاته ، الّتي تبين لنا بدائع صنعته وأعلام حكمته ، قال تعالىٰ : ( سَنُرِيهِمْ ءَايَتِنَا فِى الاَْفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حتّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ علىٰ كُلِّ شَىْء شَهِيدٌ ) (٣).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته المسمّاة بـ : « خطبة الأشباح » : « وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ، واعتراف
__________________
(١) ص ٢٦ ـ ٢٧.
(٢) سورة النساء : الآية ١٦٥.
(٣) سورة فصّلت : الآية ٥٣.