قال الدليمي :
« إنَّ الطعن فيهم ... مدعاة لتفريق المسلمين وإلقاء العداوة والبغضاء في صفوفهم كما هو مشاهد » (١).
إنّ الاستناد إلىٰ الكتاب والسُنّة في بيان واقع الأصحاب ، وما هم عليه من تباين في الصفات لا يعدّ طعناً ، والمعترض علىٰ ذلك إنّما يعترض ـ في واقع الأمر ـ علىٰ الكتاب والسُنّة ، وهو ردّ صريح لهما لا يرضاه المؤمن لنفسه ، ولكن تبقىٰ مهمّة العلماء والكتّاب المنصفين في بيان الحقيقة كما هي للمسلمين ، وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، وإنقاذ المسلمين من تلك النظرة العشوائية الّتي تعمل علىٰ خلط الأوراق وتضييع الحقائق ، والّتي تعدّ من مخلفات الهيمنة الأموية علىٰ المسلمين (٢). فإذا قام العلماء والكتّاب
__________________
(١) ص ٧.
(٢) قال ابن عرفة ، المعروف بـ : « نفطويه » ـ وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ في تاريخه : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيّام بني أُميّة ; تقرباً إليهم بما يظنّون أنّهم يرغمون به أُنوف بني هاشم ..
ويدلّ علىٰ ذلك كتاب معاوية إلىٰ عمّاله الّذي جاء فيه : إنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر ، وفي كلّ وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلىٰ الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وائتوني بمناقض له في الصحابة مفتعلة ; فإنّ هذا أحبّ إليَّ ، وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدّ إليهم من مناقب عثمان وفضله.
فُقرئت كتبه علىٰ الناس
، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة