وهذه الفتنة أشار إليها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ قال ابن مسعود : كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويُتّخذ سُنّة ، فإن غيّرت يوماً قيل : تركت السُنّة ؟
قالوا : يا أبا عبد الرحمن ! ومتىٰ ذلك ؟!
قال : إذا كثرت جهّالكم وقلّت علماؤكم ، وكثرت خطباؤكم وقلّت فقهاؤكم ، وكثرت أُمراؤكم وقلّت أُمناؤكم ، وتفقّه لغير الدين والتمست الدنيا بعمل الآخرة (١).
هذا كلّه مع أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهىٰ عن سُباب المسلم وقتاله وقال ـ كما جاء في صحيح البخاري ـ : « سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر » (٢).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم بخصوص عليّ عليهالسلام بالذات : « مَن سبّ عليّاً فقد سبّني ، ومَن سبّني فقد سبّ الله ، ومَن سبّ الله أكبّه الله علىٰ منخريه في نار جهنّم » (٣).
__________________
فوقرت كلمته في صدري مع ما كان قاله لي معلمي أيّام صغري ، فأعطيت الله عهداً لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأُغيّرنّه ، فلمّا مَنَّ الله علَيَّ بالخلافة أسقطت ذلك ، وجعلت مكانه : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ). سورة النحل : الآية ٩٠.
شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٤ / ٥٩.
(١) كنز العمّال ١١ / ٢٥٤ يرويه عن : ابن أبي شيبة ، وابن حمّاد في الفتن.
(٢) صحيح البخاري ١ / ١٧ كتاب الإيمان ، باب : اتّباع الجنائز من الإيمان.
(٣) الرياض النضرة ٣ / ١٢٢ ، مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٣٠ وصحّحه ، وافقه الذهبي كما في تلخيص المستدرك ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٠ ; قال الهيثمي : رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ، غير أبي عبد الله الجدلي ؛ وهو ثقة ، الجامع الصغير ٢ / ٦٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ٥٧٣ و ٦٠٢ ؛ يرويه عن ابن عساكر وابن النجار.