للأمر ، وصبراً علىٰ مضض الجراح ... ».
ثمّ بيّن عليهالسلام سبب مقاتلته لأهل الشام ، فقال : « ولكنّنا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام علىٰ ما دخل فيه من الزَيْغ والاعوجاج والشبْهة والتأويل ، فإذا طمعنا في خصلة يلمُّ اللهُ بها شَعَثنا ، ونتدانىٰ بها إلىٰ البقيّة في ما بيننا ، رغبنا فيها وأمسكنا عمّا سواها » (١).
فهنا ، في هذه الخطبة بيّن الإمام عليهالسلام بكلّ وضوح علّة مقاتلته لأهل الشام ، وقال أنّه لم يقاتلهم إلاّ لما أدخلوه في الإسلام من الزَيْغ ، والاعوجاج ، والشبهة ، والتأويل ، فاقرأ تمام كلامه عليهالسلام في النهج لتقف علىٰ هذه الحقيقة بوضوح أكثر.
وبعد هذا ، لم أفهم مراد الدليمي من : إخراج الخلاف الّذي حصل بين الفريقين من الدين ; فهل يريد بذلك أنّ الخلاف الّذي حصل بين الفريقين ليس له مساس بأُصول الدين وفروعه ؟!
لكنّ الثابت أنّ النزاع الّذي كان بين الفريقين نزاع بشأن الإمامة والزعامة ، وما كانت المطالبة بدم عثمان إلاّ ذريعة تذرّع بها معاوية لكسب قلوب العامّة في الشام ضدّ أمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ٢٣٦.
(٢) روى محدّث الشام الحافظ ابن عساكر في تاريخه ٣٩ / ٤٥٢ : عن عبد الله بن أبي سفيان ، أنّ عليّاً قال : إنّ بني أُمية يقاتلوني يزعمون أنّي قتلت عثمان ، وكذبوا إنّما يلتمس الملك ؛ فلو أعلم أنّ ما يذهِب ما في قلوبهم أن أحلف لهم عند المقام والله والله ! ما قتلت عثمان ، ولا أمرت بقتله ، لفعلت ، ولكن إنّما يريدون الملك ..
وإنّي لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممّن قال الله عزّ وجلّ : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ). انتهىٰ.