وقد عصىٰ معاوية ربّه بخروجه علىٰ إمام زمانه ووليّ أمره ، الّذي جعل الله طاعته كطاعة الله ورسوله ، كما جاء في قوله تعالىٰ : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) ..
وكما جاء في الحديث الشريف : « مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » (٢).
بل جاء في صحيح البخاري : عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « مَن رأىٰ من
__________________
وفي النهج توجد أقوال كثيرة للإمام عليهالسلام تؤكّد هذه الحقيقة ، فمن كلام له عليهالسلام بعثه إلىٰ معاوية : « ولعمري يا معاوية! لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان ، ولتعلمنَّ أنّي كنت في عزلة عنه إلاّ أن تتجنّىٰ ; فتجنَّ ما بدا لك ». نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ٧.
وقال عليهالسلام في كتاب آخر بعثه إليه : « وزعمت إنّك جئت ثائراً بعثمان ، ولقد علمت حيث وقع دم عثمان ، فاطلبه من هناك إن كنت طالباً ». نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١٢.
وقال عليهالسلام في كتاب آخر بعثه إليه جواباً : « فأمّا طلبك إليَّ الشام فإنّي لم أكن لأُعطيك اليوم ما منعتك أمس ». نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١٦.
وهذا الكتاب يؤكّد بوضوح أنّ مطالب معاوية منحصرة في حدود طلب الملك لا غير ، وسيأتي إن شاء الله تعالىٰ بيان تلك الحقيقة علىٰ لسان معاوية نفسه عند الحديث عن صلح الإمام الحسن عليهالسلام مع معاوية.
وجاء عن ابن سيرين : لقد قُتل عثمان وما أعلم أحداً يتّهم عليّاً في قتله ؛ راجع : ترجمة عثمان بن عفّان من تاريخ دمشق ـ لابن عساكر ـ ٣٩ / ٣٩٠.
(١) سورة النساء : الآية ٥٩.
(٢) ذكره التفتازاني في شرح المقاصد ٢ / ٢٧٥ ، وجعله لدّة قوله تعالىٰ : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) في المفاد.
وحكاه الشيخ علي القاري ـ صاحب المرقاة ـ في خاتمة الجواهر المضيّة ٢ / ٥٠٩ ; وقد قال في ص ٤٥٧ : وقوله عليهالسلام في صحيح مسلم : « مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » ، معناه : مَن لم يعرف مَن يجب عليه الاقتداء والاهتداء به في أوانه. انتهىٰ.