الوفاء بالعهود ، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين (١) ؛ لِما استوبلوا من عواقب الغدر ، فلا تغدرنّ بذمّتك ، ولا تخيسنّ بعهدك ، فلا تختلف عدوّك ؛ فإنّه لا يجترئ علىٰ الله إلاّ جاهل شقي » (٢).
أمّا كون الإمام الحسن عليهالسلام قد صالح معاوية ، مسلّماً بخلافته ، وكونه أميراً للمؤمنين ، كما يريد الدليمي أن يوحي للقارئ بذلك ، فهذا ممّا لا يقول به عاقل فضلاً عن فاضل ; فأمر معاوية في البغي والعدوان أشهر من نار علىٰ علم ، أليس هو ـ بنصّ أحاديث الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قائد الفئة الباغية وأمير القاسطين وزعيم الدعاة إلىٰ النار ؟!
وهو الملعون علىٰ لسان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أكثر من موضع وموضع (٣) ؛ فكيف يكون الباغي والقاسط والملعون خليفة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ المسلمين ، وأميراً للمؤمنين ؟!
اللّهمّ إلاّ إذا اختلّت عقول الناس فباتت ترىٰ الحقّ باطلاً والباطل حقّاً ، والمنكر معروفاً والمعروف منكراً !! نسأل الله العافية.
وقد ثبت أيضاً أنّ معاوية كان يتطاول علىٰ مقام النبوّة ، بل يسعىٰ جاهداً وهو في سدّة الحكم علىٰ القضاء علىٰ الإسلام نكاية بالنبيّ الأكرم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ..
ففي حديث مطرف بن المغيرة : إنّ معاوية قال للمغيرة بعد أن ذكر ملك أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأنّهم هلكوا فهلك ذكرهم : ... وإنّ أخا
__________________
(١) أي رغم كونهم دون المسلمين في الأخلاق والعقائد ، لكنّهم التزموا بوفاء العهود فيما بينهم ، فالمسلمون أوْلىٰ بالالتزام بذلك.
(٢) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١٠٦.
(٣) ستأتي تخريجاته في الصفحات اللاحقة.