هاشم يصرخ في كلّ يوم خمس مرّات : « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » ، فأيّ عمل يبقىٰ مع هذا لا أُمّ لك ؟! ... والله « دفناً دفناً » (١).
وروى أحمد بن أبي طاهر في كتابه أخبار الملوك : إنّ معاوية سمع المؤذّن يقول : « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » فقال : لله أبوك يا بن عبد الله ! لقد كنت عالي الهمّة ، ما رضيت لنفسك إلاّ أن يقرن اسمك باسم ربّ العالمين (٢).
فهذه الأخبار شاهدة علىٰ أنّ معاوية لم يؤمن بالنبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان ينظر إليه نظرة أهل الجاهلية في التزاحم علىٰ العناوين والمناصب ، بل إنّ بني أُمية شنّوا حربهم الشعواء علىٰ الإسلام ، قاصدين إيّاه بشخص النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الأطهار عليهمالسلام ; لأنّهم رأوه السبب في هدم بيوتهم ، والتقليل من شأنهم.
ذكر المدائني : عن أبي زكريا العجلاني ، عن أبي حازم العجلاني ، عن أبي هريرة ، قال : حجّ أبو بكر رضياللهعنه ومعه أبو سفيان بن حرب ، فكلّم أبو بكر أبا سفيان فرفع صوته ، فقال أبو قحافة : خفّض صوتك يا أبا بكر عن ابن حرب !
فقال أبو بكر : يا أبا قحافة ! إنّ الله بنىٰ بالإسلام بيوتاً كانت غير مبنية ، وهدم به بيوتاً كانت في الجاهلية مبنية ، وبيت أبي سفيان ممّا هدم (٣). انتهىٰ.
__________________
(١) النصائح الكافية : ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٥ / ١٢٩ ، مروج الذهب ٣ / ٤٥٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٠ / ١٠١.
(٣) النزاع والتخاصم : ٥٩.