كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) (١).
والمستفاد من هذه الآيات الشريفة أنّ العودة إلىٰ القرآن بشكلها التامّ والصحيح تكون بالعودة إلىٰ أهله العارفين به ، الّذين أمر الله سبحانه المسلمين بسؤالهم وأخذ علوم القرآن عنهم ، وإلاّ فالقرآن « إنّما هو خطّ مستور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولا بُدّ له من ترجمان » ، كما يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
وقد نهىٰ عليهالسلام عن جعله مرجعاً وحيداً عند التنازع ؛ قال لابن عبّاس عندما بعثه إلىٰ الخوارج لمحاججتهم : « لا تخاصمهم بالقرآن ; فإنّ القرآن حمّال ذو وجوه (٣) ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسُنّة ; فإنّهم لن يجدوا عنها محيصاً (٤) » (٥).
وبالعودة إلىٰ الكتاب نفسه الّذي كان يقرأه الكاتب ، وهو كتاب نهج البلاغة ، ومن خلال كلمات الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام باب مدينة علم المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سنتمكّن ـ إن شاء الله تعالىٰ ـ من الوصول إلىٰ معرفة « أهل الذكر » ، ومعرفة « الراسخين في العلم » ، الّذين عناهم الله عزّ وجلّ بكتابه الكريم ، والّذين أمر المسلمين بالرجوع إليهم وأخذ علوم القرآن عنهم ..
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية ٧.
(٢) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٥.
(٣) أي يحمل معاني كثيرة إن أخذت بأحدها احتج الخصم بالآخر.
(٤) محيصاً : مهرباً.
(٥) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١٣٦.